رأي

رؤية حكيمة ورجل مناسب.. المغرب في قلب التاريخ

في كل مثن زمني هناك حكاية تخط بمداد التاريخ، وتحدد المعالم الكبرى للأحداث وتقاطعاتها، وكيف يمكن أن تقتنص الفرص والرفع من سقف الطموح عاليا، وكيف يغير الزمان نوائبه إلى طائر ينير السماء، انتفض من رمادها، والمنطق يحتكم لهذه السيرورة، وخلق توازن ما بين جميع الجوانب التي تعد مؤثرة داخل ذلك الحقل.

من سيقرأ هذه المقدمة سيعتقد لوهلة أننا نرقص على الأطلال، لكن ما يتغافله الكثير، أن الأطلال يصنعها الحاضر وبحكمة تتحول إلى نسق زمني متكامل، يمتلك وعيا مكانيا وعلائقيا بمحيطه ويولد ديمومة وذاكرة جماعية تستمر مع الزمان، هذا التأسيس في عالم الرياضة يحيلنا بشكل مباشر وغير مباشر للتجربة المغربية خلال العشر سنوات الأخيرة، التي كشفت بالملموس أن كل العجائن تستحق أيادي ماهرة، وليس كل عثرة تسقط الأمل والعودة للخلف والانزواء، فعقارب الساعة تقول كلمتها وأنت مركون في أبعد زاوية من اللحظة.

إن ما أعلنه الملك محمد السادس قبل بضع أشهر من الآن، بفوز المملكة المغربية بشرف تنظيم كأس العالم 2030 إلى جانب الجارتيين الشماليتيين، اسبانيا والبرتغال، يبرز أن هذا الاعلان ليس سوى نقطة محددة المعالم لعمل جبار امتد لسنوات وتغيير النمط الكروي والاستفادة من أخطاء الماضي واستثمار جميع الامكانيات بهدف خلق دينامية متكاملة على الصعيدين الرياضي الصرف والتدبيري المؤسساتي، ووضع الامكانيات البشرية في اطارها المحدد والاعتماد على كفاءات قادرة على قيادة الدفة بالشكل السليم وحكماتي ويتماهى مع الاختيارات الكبرى للدولة المغربية وضبط عجلة التطور على مختلف الأصعدة على سياق واحد، شعاره التنمية المستدامة والشاملة.

للأمانة لا يمكن الحديث عن مسار التحول دون ورود اسم رجل صنع الحدث وكان من أهم مخرجي ملحمة الحلم المغربي بقطر كرويا واداريا، وكذا شغف تنظيم العرس العالمي بخلفية تنظيمية مؤسسة وموجهة للأندية الوطنية والبطولة الاحترافية، فضلا عن فرض مكانة المغرب بأعلى الأجهزة الكروية، ففوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لا يمكن أن ندير ظهرنا لكل المعطيات ونواجهها بالجهود، بل إن كل الاشارات وما يتناسل من أحداث، يؤكد على كون هذه التحولات استوجبت وضع الشخص المناسب في المكان المناسب برؤية حكماتية وتسييرية تدبيرية، وهذا ما يعزز النظرة المولوية للملك محمد السادس وبعد النظر وسعيه إلى خلق طفرة تنموية شاملة ومحاولة توظيف الامكانيات البشرية بشكل فاعل وفعال.

لقد تعارف عند العرب قديما، أن القوافل تعي مسبقا مسالكها وأن لها رب يحميها، وغايتها ومسارها يحمل على أكتاف رجال صدقوا الله ما عاهدوا عليه، ومن يعوي خلف الركب تنهكه الرحلة ويرمي على أكتافه ثرى العار وما التاريخ إلا كاشف ويحيك المكشوف، اليوم في بلدنا هناك طفرة وما صنع المستحيل يأتي بجب واحد، ولا بكتف واحد، ولا بيد واحدة، بل الجل مسؤول والقاعدة تستحق الالتفات.